«ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة».. النص الكامل لحيثيات تأييد الحبس 10 سنوات على متهمي قضية انفجار خط الغاز

«ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة».. النص الكامل لحيثيات تأييد الحبس 10 سنوات على متهمي قضية انفجار خط الغاز
أودعت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر، حيثيات حكمها الصادر بتأييد حبس 6 متهمين لمدة 10 سنوات في قضية انفجار خط الغاز بطريق الواحات، والذي أسفر عن مصر 8 شخاص وإصابة آخرين، وخسائر مادية فادحة.

حيثيات الحكم في قضية انفجار خط الغاز بالواحات

قالت المحكمة في مستهل أسبابها والتي حصلت عليها «المصري اليوم»: «استقر في يقينها واطمأن وجدانها وارتاحت عقيدتها إلى ثبوت التهمة قبل المتهمين ثبوتًا كافيًا ومكتمل الأركان، لا يدع مجالًا للشك أو الريبة، وذلك على نحو ما أورده من تحريات وتحقيقات وما ثبت من تقرير اللجنة الفنية المنتدبة من قبل النيابة العامة، وما ورد بشهادة الشهود والمجنى عليهم وما ثبت بالمستندات المقدمة، حيث ثبت من مطالعة الأوراق وما تم بها من تحقيقات وما انتهى إليه تقرير اللجنة الفنية المنتدبة من قبل النيابة العامة أن المتهمين الثلاثة الأوائل، وهم المقاول المنفذ للعملية، ومهندس المشروع، والمهندس المقيم، لم يتخذوا الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية خط الغاز الطبيعى قطر 24 بوصة، والمار بمدخل تقاطع طريق الواحات مع طريق دهشور، وذلك في أثناء تنفيذ أعمال الحفر في نطاق هذا الخط».

تقاعس فادح في اتخاذ الاحتياطات وسوء تقدير لمخاطر الحفر

أضافت المحكمة في حيثياتها: «ثبت كذلك أن المتهمين الثلاثة الآخرين، وهم مدير المشروع، ومدير إدارة الطرق، ومدير عام الإشراف على تنفيذ الطرق، بجهة الإسناد، قد تقاعسوا عن أداء أعمالهم المنوطة بهم بالإشراف على تنفيذ المشروع، وإلزام الشركة المنفذة بوضع الاحتياطات والتدابير اللازمة، فضلًا عن أنهم لم يعرضوا الأمر على لجنة التنسيق المختصة، لوجود تعارض بين مسار الطريق المقرر تنفيذه ومسار خط الغاز، وأيضًا عدم المتابعة المستمرة للأعمال المنفذة من قبل الشركة المنفذة للعملية.» وتابعت: «ولما كان ذلك، وكان الثابت أن المتهمين تقاعسوا جميعًا عن اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة والواجبة قانونًا، والتي من شأنها الحفاظ على الأرواح والممتلكات والمنشآت، وارتكبوا خطأ جسيمًا ومشتركًا أدى إلى حدوث الانفجار محل الواقعة، وما ترتب عليه من وفاة 8 أشخاص وإصابة آخرين، فضلًا عن حدوث تلفيات بالسيارات والمباني، ما يؤكد توافر أركان الجريمة في حقهم كافة، وهو ما تساندت إليه المحكمة في قضائها».

انفجار خط غاز بطريق الواحات قرب مدخل جهاز 6 أكتوبر - صورة أرشيفية

[image:3:center]

ثبوت الخطأ الفني ومسؤولية الإشراف

قالت المحكمة: «ثبت من تقرير اللجنة الفنية المنتدبة من قبل النيابة العامة وجود خطأ فني جسيم يتمثل في عدم وجود حواجز خرسانية لحماية خط الغاز، رغم أن ذلك من الأمور الجوهرية التي كان يجب اتخاذها من قبل جهة الإسناد والشركة المنفذة، خاصة في منطقة تقاطع خطوط الخدمات، ومنها خطوط الغاز»، مؤكدةً «وقد ورد في التقرير أن خط الغاز لم يُغطَّ بأي وسيلة حماية عند مرور الطريق عليه، وهو ما يُعد مخالفة صريحة للمواصفات الفنية المُنظمة لتنفيذ الطرق، وأدى ذلك إلى كسر خط الغاز وانفجاره حال قيام الشركة المنفذة بالحفر في تلك المنطقة».

وثبت للمحكمة أن الخطأ المهني ارتكبه المتهمون على النحو التالي:

أولاً: المتهم الأول سائق اللودر، عمل «برعونة» ودون تصريح، كما خالف التعليمات الصادرة من المجني عليه مصطفى محمد حسن، مشرف جهاز أكتوبر، الذي حذره من الحفر لوجود خط مياه كبير، غير أنه تجاهل التحذير واستمر في العمل، مما أدى إلى كسر ماسورة الغاز الطبيعي.

ثانيًا: المتهم الثاني، مساح المشروع، تهاون في الإشراف وترك السائق ينفذ الحفر دون متابعة أو إجراء جسات يدوية، وكان عليه أن يتأكد من سلامة الإجراءات والحصول على التصاريح.

ثالثًا: المتهم الثالث، محمد وجيه شكري، المهندس التنفيذي للمشروع، لم ينسق مع الجهات المسؤولة مثل شركة الغاز الطبيعي، واستخدم معدات ثقيلة دون ترخيص، ولم يراع الاشتراطات الفنية للموقع.

رابعًا: المتهم الرابع، أحمد جمعة محفوظ، مدير مشروعات شركة المليجي، فشل في مراقبة التنفيذ، وأرسل المعدات دون الحصول على التصاريح، رغم علمه بعدم استكمال الإجراءات الرسمية، وسمح بالبدء في العمل بناءً على تصريح مرور فقط.

خامسًا: المتهم الخامس، علاء إبراهيم عبداللطيف، مدير مشروعات المكتب الاستشاري، لم يتابع سير الأعمال مع المتهم أحمد ياسين (غير ممثل في الاستئناف)، ولم يضع خطة عمل أو خطة مرورية، وأهمل في اتخاذ الاحتياطات اللازمة مثل وضع الحواجز واللافتات والإشراف الميداني.

سادسًا: المتهم السادس، المهندس الاستشاري المشرف على المشروع، تقاعس عن أداء دوره الرقابي، ولم يتأكد من استخراج التصاريح، وترك التنفيذ يتم دون مراجعة، في صورة صارخة من صور «الإهمال السلبي».

وخلصت المحكمة إلى أن ما ارتكبه المتهمون من تنفيذ خاطئ وإشراف غائب يمثل جرائم إهمال جسيم أدت إلى وفاة وإصابة عدد من الأبرياء، على نحو ما تعاقب عليه المادتان 238 و244 من قانون العقوبات، وأن هذه الأخطاء ترتبت عنها علاقة سببية مؤكدة بين الحفر العشوائي والانفجار الذي نتج عنه الضرر.

وبحسب الحيثيات، فإن الجرائم المتعددة التي ارتكبها المتهمون كانت ضمن مشروع إجرامي واحد لا يقبل التجزئة، مما استوجب اعتبارها جريمة واحدة ومعاقبتهم بعقوبة الجريمة الأشد، وهي القتل الخطأ، وفقًا للمادة 32/2 من قانون العقوبات.

نص حيثيات تأييد الحبس 10 سنوات على متهمي قضية انفجار خط الغاز- تصوير: محمد القماش

المحكمة تنتقد الإهمال الجسيم وتؤكد المسؤولية جماعية

وتابعت الحيثيات: «وحيث إن ما نَسبته النيابة العامة إلى المتهمين من اتهامات، فإن المحكمة تطمئن إليه وتأخذ به سنداً لإدانة المتهمين، بعد أن ثبت لديها من الأوراق وما حوته من أدلة ومستندات وشهادات، وما انتهى إليه التقرير الفني، أن المتهمين ارتكبوا جميعاً خطأً جسيماً ومشتركاً، ترتب عليه وقوع حادث الانفجار، وهو ما يجعلهم مسؤولين جنائياً عما ترتب على هذا الخطأ من نتائج، وأن تلك الأخطاء تنم عن إهمال وتقصير وعدم تقدير للمسؤولية من قبل المتهمين في أداء الأعمال المنوطة بهم».

وأردفت الحيثيات: «ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة، وما أفظع التقصير حين تكون كلفته أرواحا بريئة قضت دون ذنب، ودفعت ثمنا باهظا لإهمال قاتل من مهندس كان يفترض أن يكون عين الأمان، لا يد الخراب، لقد اقترف المتهمون خطأ لا يُغتفر، لا عن جهل، بل عن تخاذل مهني وتفريط مشين في أقدس واجبات مهنتهم... إن المهندس الفني ليس موظفًا عابرًا، بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت».

وختمت المحكمة قائلة: «ليست هذه مجرد واقعة مؤسفة، بل جريمة مكتملة الأركان، ضحاياها بشر لهم أسماء ووجوه وأحلام قُطعت حياتهم فجأة بسبب استخفاف هؤلاء بمسؤوليتهم، وإن ما صدر منهم من أخطاء فنية غير مطابقة للأصول الفنية، يؤكد مسؤوليتهم الجنائية والمدنية، ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة تزهق فيها الأرواح وتدمر فيها الممتلكات نتيجة إهمال جسيم وتقاعس عن أداء الواجبات، وإن المحكمة وقد استقر في وجدانها أن المتهمين جميعاً قد أخلوا إخلالاً جسيماً بواجباتهم وأعمالهم، ولم يتخذوا التدابير الكافية والواجبة للحفاظ على الأرواح والممتلكات، فإنها تقضي بتأييد الحكم المستأنف، والقاضي بحبسهم لمدة 10 سنوات».

ولهذه الأسباب، حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام المستأنفين بمصروفات الدعويين الجنائية والمدنية، وبمبلغ 75 جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة.

نص حيثيات تأييد الحبس 10 سنوات على متهمي قضية انفجار خط الغاز- تصوير: محمد القماش

نص حيثيات تأييد الحبس 10 سنوات على متهمي قضية انفجار خط الغاز- تصوير: محمد القماش

[image:7:center]
إقرأ الخبر الكامل من المصدر