اكتشاف معبد قديم في بوليفيا يعيد فتح ملف حضارة اندثرت قبل ألف عام

  • منذ 4 ساعات
  • سي إن إن عربية
اكتشاف معبد قديم في بوليفيا يعيد فتح ملف حضارة اندثرت قبل ألف عام
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلن علماء الآثار أنهم اكتشفوا بقايا ما يعتقدون أنه حدود معبد قديم يعود إلى حضارة "تيواناكو" الغامضة في منطقة الأنديز، وهي الحضارة التي اختفت حوالي العام 1000 ميلادي.

وقد عثرت بعثة البحث على مجمّع المعبد الضخم في المرتفعات التابعة لما يعرف اليوم ببلدية كاراكولو ببوليفيا.

ويقع الموقع جنوب شرق بحيرة تيتيكاكا، وهي منطقة مختلفة عن تلك التي ركّز فيها الباحثون سابقًا بحثهم عن أدلة قد تساعد على كشف أسرار هذه الحضارة المفقودة.

ويقع هذا الاكتشاف الاستثنائي على بُعد نحو 210 كيلومترات جنوب الموقع الأثري المعروف لمدينة تيواناكو، عاصمة الإمبراطورية القوية التي سبقت حضارة الإنكا. وقد نُشرت النتائج الأخيرة في دراسة بتاريخ 24 يونيو/ حزيران في دورية "Antiquityوقال الدكتور خوسيه كابريليس، عالم الآثار البوليفي وأستاذ الأنثروبولوجيا المساعد في جامعة ولاية بنسلفانيا، إن المعبد، الذي يُعرف باسم "بالاسباتا" نسبةً إلى الاسم الأصلي للمنطقة، يقع خارج حدود المناطق المعروفة أن حضارة "تيواناكو" توسّعت إليها.

وأشار كابريليس، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن العناصر المعمارية للمبنى، ضمنًا المنصة المتدرجة والفناء الغائر، تُظهر تشابهًا واضحًا مع أسلوب "تيواناكو" المعماري الموجود في مناطق أخرى من منطقة بحيرة تيتيكاكا.

وقال: "لم نكن نتوقّع وجوده في هذا المكان بالتحديد، وحقيقة وجوده هناك أمر لافت للنظرويقع المعبد، الذي يمرّ عبره مسار نتيجة التنقّل المتكرّر للسكان المحليين، بالقرب من طريق مستخدم منذ زمن طويل في بوليفيا، ويُعرف اليوم باسم "طريق لاباز - كوتشابامبا السريع"، وهو طريق كان يربط بين ثلاث طرق تجارية استُخدمت لاحقًا من قبل حضارات أخرى مثل الإنكا.

وبحسب ما ذكره الباحثين، فإن اكتشاف هذا المعبد الطقسي يسلط الضوء على الترابط بين مختلف مناطق حضارة تيواناكو، وكيف أن "بالاسباتا" ربما كانت بمثابة بوابة لتمكين هذه الحضارة من توسيع نفوذها في المنطقة.

بدأت التحقيقات الأثرية في مواقع تيواناكو في ستينيات القرن التاسع عشر، لكن الباحثين لا يزال لديهم القليل من المعرفة حول هذه الحضارة. فمعظم ما يعرفه الخبراء استنتج من خلال دراسة الفخار، وبقايا حيوانات الجماليات (مثل اللاما والألباكا)، وغيرها من المواقع الدينية مثل موقع أكابانا المنتشرة في مرتفعات الأنديز.

وقد ظهرت مجتمعات تيواناكو لأول مرة في منطقة مرتفعة تُعرف باسم "ألتيبلانو" في جبال الأنديز، وتحديدًا في حوض تيتيكاكا، الذي سُمِّي على اسم بحيرة "تيتيكاكانظرًا لموقعها الجغرافي، كان من الصعب زراعة محاصيل مثل الذرة، لذا اعتمد سكان تيواناكو على قوافل اللاما لربط المجتمعات في المنطقة وتسهيل التجارة. وبحسب الدراسة، كانت العاصمة، التي تُدعى أيضًا تيواناكو، المسؤولة عن إدارة التجارة والتبادل والتفاعل بين المناطق المختلفة.

قال كابريليس: "تعد تيواناكو ما نسميه تكوين دولة أولية، أي أنها كانت مجتمعًا معقدًا يتميّز بتقسيم اجتماعي معقدوأضاف أن الإمبراطورية تطوّرت من دون تأثير خارجي، و"نشأت من سلسلة من المجتمعات الزراعية السابقةوتشير الأدلة المستندة إلى قطع أثرية من تيواناكو، مثل الفخار، إلى أن شعب تيواناكو بدأ بالاستقرار في تلك المنطقة حوالي العام 700 ميلادي، وكذلك في وادٍ إلى الغرب يُشكّل اليوم جنوب بيرو، بحسب الدكتورة نيكولا أُكونور شارات، وهي أستاذة الأنثروبولوجيا المساعدة في جامعة ولاية جورجيا، غير المشاركة في إعداد الدراسة.

وأضافت شارات أنه يرجح أنّ سكان تيواناكو عاشوا أيضًا في ما يُعرف اليوم بشمال تشيلي وفي منطقة كوتشابامبا.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أن حضارة تيواناكو أنشأت موقع "بالاسباثا" من أجل تعزيز نفوذها الاجتماعي والسياسي على المجتمعات الأخرى في المنطقة، من خلال السيطرة على التجارة بين المناطق المختلفة.

وأوضح كابريليس: "يقع هذا المكان في موقع استراتيجي بين منطقتين جغرافيتين رئيسيتين في مرتفعات الأنديزوأضاف: "قد يكون هذا الموقع بمثابة نقطة مراقبة استراتيجية تتيح السيطرة على تدفق البضائع ليس فقط من الناحية الاقتصادية والسياسية، بل من خلال الدين أيضًا، ولهذا السبب هو معبدوتابع: "التكامل بين المؤسسات الدينية والسياسية والاقتصادية، وهو النمط الذي تنشأ من خلاله العديد من هذه المؤسسات، أمر أعتقد أنه فاجأ الكثير من الناسولا يظهر المعبد المعروف باسم "بالاسباثا" حاليًا إلا من خلال جداره الخارجي، الذي تم تحديده باستخدام الحجر الرملي الأحمر.

وقال كابريليس إن الباحثين لاحظوا وجود هذا الهيكل أثناء عملهم على مشروع أثري غير ذي صلة بالقرب من الطريق السريع، وقرروا أنه "يبدو ذات أهميةفبدأوا باستكشاف المنطقة سيرًا على الأقدام وباستخدام الطائرات المسيّرة "الدرون". وبناءً على النتائج الأولية، استطاع كابريليس استخدام تقنية التصوير ثلاثي البعد لإعادة بناء المعبد رقميا.

ويبلغ طول الهيكل 125 مترًا وعرضه 145 مترًا، وهو تقريبًا بحجم كتلة سكنية في مدينة، ويحتوي على 15 حجرة نمطية من المرجّح أنها كانت غرفًا تحيط بساحة داخلية.

المدخل الرئيسي للمبنى يواجه الغرب، وهو متوافق مع موعد الاعتدال الشمسي، ما يشير إلى الدور الديني للمعبد في تلك الحضارة.

ورغم أن القليل معروف عن الممارسات الروحية لحضارة تيواناكو، فقد عثر علماء الآثار سابقًا على تماثيل حجرية وسيراميك تحتوي على رموز نباتية وحيوانية، قد تشير إلى طقوس شبيهة بتلك المعروفة في حضارات ما قبل الإنكا الأخرى.

وغالبًا ما كشفت البعثات الأثرية المرتبطة بتيواناكو عن هياكل دينية صُممت لإبراز معالم طبيعية في المشهد المحيط، والتماشي مع أحداث فلكية مثل دورات الشمس.

إضافة إلى ذلك، عثر علماء الآثار في الموقع على قطع فخارية من تيواناكو، مثل أكواب "كيرو" التي كانت تُستخدم عادةً لشرب نوع من الكحول المصنوع من الذرة.

وقالت شارات إن هذا يشير إلى أن المبنى ربما استُخدم في الاحتفالات أو التجمّعات الكبيرة، مضيفة أن حضارة تيواناكو، مقارنةً بالحضارات القديمة الأخرى، لا تزال غامضة، ولا يزال لدى الباحثين فهم متقطع ومحدود لها.

وتقترح بعض النظريات الأثرية أن حضارة تيواناكو انهارت بسبب الجفاف أو التدهور البيئي. ويعتقد خبراء آخرون أن العاملين ربما ساهما في خلق توترات اجتماعية واضطرابات، ما أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع انتفاضة شعبية.
إقرأ الخبر الكامل من المصدر