لم تعد اليوجا حكرًا على الرياضيين أو أولئك الذين يتمتعون بلياقة عالية، بل أصبحت اليوم وسيلة عملية يمكن لأي شخص اتباعها لاستعادة مرونة جسده، وتخفيف التوتر الذهني، وتحسين جودة الحياة اليومية. فبضع دقائق من الحركات البسيطة والتنفس العميق قد تغيّر طريقة شعورك بجسدك وعقلك معًا.
وفقًا لتقرير نشره موقع Peloton Interactive، فإن اليوجا — حتى في أبسط صورها — تعد من أكثر الممارسات التي تجمع بين التوازن البدني والذهني، إذ تُسهم في تنشيط الدورة الدموية، وتخفيف التشنجات العضلية، وتحسين المزاج عبر تأثيرها المباشر في الجهاز العصبي. ويشير التقرير إلى أن الممارسة المنتظمة، ولو لثلاث مرات أسبوعيًا، تُحدث فارقًا واضحًا في مرونة العضلات واستقرار المفاصل ونوعية النوم.
وعي الجسد قبل التمارين
الخطوة الأولى في ممارسة اليوجا لا تتعلق بالحركة بقدر ما ترتبط بالإحساس بالجسد. إذ توضح الدكتورة آمي ويلر، رئيسة قسم العلاج باليوجا في جامعة ميريلاند للصحة التكاملية، أن "اليوجا تساعد الإنسان على استعادة حسه الداخلي، أي قدرته على ملاحظة ما يحدث داخل جسده من تغيرات طفيفة قبل أن تتحول إلى توتر أو ألم مزمن". وتؤكد أن هذا الوعي الجسدي يشكّل أداة وقائية تحمي من الإجهاد الجسدي والنفسي.
تنفّس أعمق.. طاقة أكبر
من أبرز فوائد اليوجا السهلة أنها تُعيد للجسد إيقاع التنفس الطبيعي، الذي يتأثر غالبًا بنمط الحياة السريع والضغوط اليومية. التنفس العميق أثناء التمارين يزوّد الخلايا بالأوكسجين، ويُخفف من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يخلق شعورًا بالهدوء والتركيز. كما أظهرت دراسات متعددة أن تمارين التنفس المنتظمة تُحسّن من كفاءة القلب والرئتين وتُسهم في خفض ضغط الدم.
مرونة بلا ألم
اليوجا ليست منافسة رياضية، بل رحلة شخصية نحو الراحة. الحركات اللطيفة مثل "وضعية القطة والبقرة" أو "الطفل المسترخي" تساعد على تمديد العضلات المتصلبة وتليين المفاصل دون الحاجة لأي مجهود مفرط. ومع الوقت، يُلاحظ الممارسون تحسنًا تدريجيًا في المرونة العامة للجسم، وانخفاضًا في الشعور بالألم، خصوصًا لدى من يعانون من تيبس الظهر أو الرقبة.
توازن الجهاز العصبي
تؤكد الأبحاث أن ممارسة اليوجا بانتظام تُعيد التوازن بين الجهاز العصبي الودي واللاودي، ما يعني قدرة أفضل على التعامل مع التوتر والضغوط. هذا التأثير لا يتحقق فقط من خلال الحركات، بل أيضًا عبر التأمل والتركيز الذهني المصاحب لها. فكل جلسة يوغا تُدرّب الدماغ على الانتقال من حالة التوتر إلى حالة الهدوء الواعي، مما يُعزّز جودة النوم ويُقلّل من القلق والاكتئاب.
بديل طبيعي للعلاج الدوائي
كثير من الأطباء يوصون باليوجا كخيار داعم قبل اللجوء إلى المسكنات أو مضادات الالتهاب لعلاج آلام المفاصل أو الإجهاد العضلي. فهي طريقة آمنة لا تُرهق الجسد، بل تحفّزه على الشفاء الذاتي عبر تحسين تدفق الدم والحد من الالتهابات الدقيقة في الأنسجة. ويرى مدرب اليوجا الأمريكي دينيس مورتون أن "الممارسة المنتظمة تجعل الإنسان أكثر قدرة على الصبر والاتزان تحت الضغط، لأنها تُعلّمه كيف يتعامل مع الألم من دون مقاومة زائدة، بل بفهم واستيعاب".
لكل الأعمار والمستويات
الميزة الأكبر في اليوجا السهلة أنها لا تحتاج إلى تجهيزات معقدة أو قدرات خاصة. يكفي مساحة صغيرة وسجادة مريحة، مع نية للبدء. يمكن تعديل كل وضعية بما يتناسب مع قدرات الممارس، سواء كان مبتدئًا أو في مرحلة متقدمة من العمر. ومع الالتزام المنتظم، تبدأ النتائج بالظهور خلال أسابيع قليلة — ليس فقط في الجسد، بل في صفاء الذهن وسهولة الحركة اليومية.







