دراسة: بعض أنواع الخرف المبكر ترتبط بانخفاض متوسط أعمار المرضى

دراسة: بعض أنواع الخرف المبكر ترتبط بانخفاض متوسط أعمار المرضى
رغم أن الخرف عادةً ما يرتبط بتقدم العمر، فإن هناك فئة من المرضى تُصيبهم هذه المتلازمة العصبية في وقت مبكر من الحياة، قبل أن يبلغوا الخامسة والستين. وتشير دراسة علمية حديثة إلى أن هذا النوع من الخرف، المعروف بالخرف المبكر، لا يغيّر فقط طبيعة الحياة اليومية، بل يُقلّل أيضًا من متوسط العمر المتوقع لدى المصابين به، بشكل يختلف حسب نوع المرض العصبي المسبب له.
وفقًا لتقرير نشره موقع Medscape Medical News، أظهرت دراسة فنلندية واسعة النطاق أن المصابين بالخرف المبكر يعيشون في المتوسط أقل بنحو تسع سنوات بعد التشخيص، مقارنة بالأشخاص الأصحاء من نفس الفئة العمرية. وتبيّن أن بعض الأنواع الفرعية، مثل الخرف الجبهي الصدغي، ترتبط بخطر وفاة أعلى بكثير مقارنةً بغيرها من الأنماط.

اختلاف النوع يغير المسار
تُعد هذه الدراسة من أكبر الأبحاث التي تناولت الخرف المبكر على مستوى أوروبا، حيث شملت ما يقرب من 800 مريض تم تشخيصهم قبل سن الخامسة والستين، تمت مقارنة بياناتهم مع نحو ثمانية آلاف شخص سليم متطابقين في العمر والجنس.
التحليل كشف أن الخرف الجبهي الصدغي (FTD) كان الأكثر خطورة، إذ زاد احتمال الوفاة بنحو أربعة عشر ضعفًا مقارنة بالأشخاص غير المصابين، يليه اعتلال ألفا-سينيوكليين، بينما كان خرف ألزهايمر المبكر الأقل من حيث معدل الوفيات النسبي، رغم أنه يظل مرضًا مهددًا للحياة على المدى الطويل.

العمر ليس العامل الوحيد
أوضحت النتائج أن الخطر لا يتوقف على نوع الخرف فحسب، بل يتأثر بعوامل مصاحبة مثل الجنس الذكري ووجود أمراض مزمنة كالسُكّري أو ارتفاع الضغط، إضافة إلى التاريخ العائلي للمرض. ومع كل سنة إضافية من العمر عند التشخيص، ترتفع احتمالات الوفاة قليلًا، مما يشير إلى أن توقيت التشخيص قد يكون عاملًا فارقًا في إدارة المرض.

الدراسة التي أجريت في مستشفيات جامعية بفنلندا خلال الفترة من 2010 إلى 2021 استخدمت منهج المتابعة الطولية لتحديد معدل البقاء على قيد الحياة منذ لحظة التشخيص حتى الوفاة.
أظهرت البيانات أن نحو ربع المرضى توفوا خلال فترة المتابعة، وأن متوسط مدة البقاء بعد التشخيص بلغ 8.7 سنوات. أما المرضى المصابون بخرف ألزهايمر فكانوا الأفضل حظًا (بمعدل بقاء يقترب من عشر سنوات)، في حين كان الأسوأ بين من يعانون من الخرف الجبهي الصدغي أو اعتلال ألفا-سينيوكليين (قرابة سبع سنوات).

دلالات سريرية مهمة
يرى الباحثون أن لهذه النتائج أهمية عملية للأطباء والمتخصصين في الأعصاب، إذ تسهم في تحديد أولويات المتابعة والرعاية للمصابين بالخرف المبكر. فمعرفة أن أحد الأنماط يحمل خطرًا مضاعفًا للوفاة، يدفع إلى وضع خطط علاجية أكثر دقة ومتابعة لصيقة للحالة العامة للمريض.
ويشير القائمون على الدراسة إلى أن هذه البيانات قد تساعد العائلات أيضًا على فهم المسار الطبيعي للمرض وتخطيط الدعم النفسي والاجتماعي للمريض في مراحله المختلفة.

القيود العلمية للدراسة
على الرغم من قوة العينة وتحليلها الإحصائي المتعمق، فإن الباحثين أقرّوا بوجود بعض القيود، منها العدد المحدود من التشخيصات المؤكدة عبر الفحوص العصبية الدقيقة، والاعتماد على سجلات المرضى بدلاً من التقييم السريري المباشر في بعض الحالات. كما كانت بعض الأنواع الفرعية من الخرف نادرة نسبيًا، مما قلل من إمكانية استخلاص نتائج تفصيلية عنها.
ومع ذلك، تؤكد الدراسة أن العلاقة بين نوع الخرف المبكر ومتوسط البقاء ليست مصادفة، بل تعكس اختلافات جوهرية في المسار العصبي للمرض وتأثيره على وظائف المخ الحيوية.
يشير الباحثون إلى أن الخطوة التالية تتمثل في دراسة الأسباب البيولوجية وراء هذا التفاوت في معدلات الوفاة، خصوصًا في الخرف الجبهي الصدغي الذي يبدو أكثر عدوانية من غيره. كما يُتوقع أن تفتح هذه النتائج الباب أمام تطوير علاجات موجهة تستهدف آليات المرض المحددة لكل نوع فرعي، بدل الاعتماد على نهج علاجي واحد لجميع الحالات.
إقرأ الخبر الكامل من المصدر