أعاد الكمين الذي وقع قرب مدينة تدمر وسط سوريا، وأسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني، الملف السوري بقوة إلى واجهة الأجندة الدولية، في تطور أمني لافت يُعدّ الأول من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل عام. الحادث، الذي نسبته القيادة المركزية الأمريكية إلى عنصر منفرد من تنظيم “الدولة الإسلامية”، كسر حالة الاطمئنان النسبي التي سادت خلال الأشهر الماضية، ووجّه ضربة مباشرة للسردية القائلة إن الصراع السوري يتجه نحو الانحسار.
ووفق تقرير نشره موقع “ذا هيل” الأمريكي، فإن كمين تدمر مثّل “تصحيحًا قاسيًا” للتقديرات التي افترضت أن مرحلة ما بعد الأسد أقل خطورة، مؤكداً أن التهديدات الأمنية، رغم تراجعها، لا تزال كامنة وقادرة على التفجر في لحظات حساسة. ولفت التقرير إلى أن الهجوم وقع أثناء لقاء مهم جمع قوات أمريكية بقيادات في قوات الأمن السورية، ما زاد من دلالاته السياسية والأمنية.
وسلّط التقرير الضوء على ثغرتين رئيسيتين كشف عنهما الهجوم. الأولى تتعلق بقدرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على البقاء والتكيّف، رغم خسارته “الخلافة” الإقليمية قبل سنوات وتراجع نشاطه العسكري. إذ بات التنظيم يعمل وفق نمط تمرد لامركزي، مستفيدًا من المساحات الصحراوية الواسعة ومناطق الفراغ الأمني في البادية السورية، ما يسمح له بتنفيذ هجمات محدودة لكنها ذات أثر رمزي وأمني كبير.
أما الثغرة الثانية، والأكثر خطورة، فتتمثل في هشاشة البنية الأمنية السورية التي أُعيد تشكيلها عقب التغيير السياسي. وبحسب التقرير، تشير معلومات أولية إلى أن منفذ الهجوم كان عنصرًا حديث الانضمام إلى الأجهزة الأمنية السورية، وقد ظهرت عليه ميول متطرفة قبل أيام من تنفيذ الكمين، ما يثير تساؤلات جدية حول آليات التدقيق والدمج داخل المؤسسات الأمنية في المرحلة الانتقالية.
وتواجه الحكومة السورية الانتقالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تحديًا معقدًا يتمثل في إعادة بناء جهاز أمني موحد ومهني، بعد عقود من الحرب الأهلية والتفكك. وتعتمد هذه العملية على دمج فصائل وقوى متباينة، من بينها مقاتلون سابقون في صفوف المعارضة، وهي عملية يرى مراقبون أنها، رغم ضرورتها، تبقى عرضة للاختراق، وقد تتحول في بعض الحالات إلى بوابة لتسلل عناصر متطرفة، بما يشبه “حصان طروادة” داخل الدولة الناشئة.
سياسيًا، وضع الهجوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام اختبار حساس. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تحولًا لافتًا في سياسة واشنطن تجاه دمشق، انتقلت فيه من القطيعة والعداء إلى تعاون حذر مع السلطات السورية الجديدة. كما مثّل انضمام سوريا رسميًا في نوفمبر الماضي إلى التحالف الدولي ضد “داعش”، عقب زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض، مكسبًا استراتيجيًا بالغ الحساسية. وكان الانتشار الأمريكي قرب تدمر جزءًا من هذا المسار التعاوني الجديد.
وتعهد ترامب برد “شديد الجدية” على الهجوم، في موقف يلبي مطالب داخلية بإظهار الحزم، لكنه يطرح في الوقت ذاته معضلة معقدة. فاستجابة عسكرية واسعة قد تقوّض شرعية الحكومة السورية الانتقالية، وتضعف قدرتها على تثبيت الأمن وبسط السيادة، بينما قد يُفسَّر أي رد محدود على أنه تساهل مع تهديد إرهابي مستمر.
وفي هذا السياق، رجّح تقرير “ذا هيل” أن يكون الخيار الدبلوماسي-الأمني المدروس أكثر فاعلية. فقد أدانت الحكومة السورية الجديدة الهجوم بسرعة، وأعلنت عن توقيف مشتبهين بانتمائهم لتنظيم “داعش” خلال حملة أمنية لاحقة في حمص، في خطوات عكست التزامًا بالشراكة مع واشنطن. ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى استثمار هذه اللحظة لتعميق التعاون، عبر تحقيقات مشتركة داخل المؤسسات الأمنية السورية، وتبادل استخباري منتظم، بهدف تفكيك شبكات التجنيد ومنع تكرار هجمات “الذئاب المنفردة” أو الهجمات من الداخل.
وبالتوازي، أعاد كمين تدمر فتح نقاش قديم-جديد في واشنطن حول جدوى الوجود العسكري الأمريكي طويل الأمد في سوريا. فانتشار نحو ألف جندي أمريكي، يتركز دورهم على مكافحة الإرهاب ودعم الحلفاء المحليين، يشكل بحد ذاته عامل جذب لهجمات من هذا النوع، ويطرح تساؤلات مؤلمة لدى الرأي العام الأمريكي، خاصة لعائلات الضحايا، حول كلفة استمرار هذا الانتشار.
وتبقى المعضلة واضحة: انسحاب سريع قد يخلق فراغًا أمنيًا يسمح لتنظيم “داعش” بإعادة تنظيم صفوفه، ما قد يفرض تدخلًا أمريكيًا لاحقًا أكثر كلفة، في حين أن البقاء العسكري الطويل يعرض القوات الأمريكية لمخاطر متكررة تقوض الدعم الشعبي للمهمة.
وخلص تقرير “ذا هيل” إلى أن الطريق إلى الأمام يتطلب مزيجًا دقيقًا من الحذر والحزم، بحيث يكون الرد الأمريكي موجّهًا بدقة إلى خلايا “داعش” المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ، دون المساس بجوهر الشراكة الأمنية مع دمشق. فالهدف الاستراتيجي، وفق التقرير، يجب أن يتمثل في تمكين الدولة السورية الجديدة من امتلاك أمنها وإدارته بنفسها، في مسار طويل النفس، يؤكد أن معركة مكافحة الإرهاب لم تنتهِ بعد، وأن التهدئة الهشّة في سوريا لا تزال بحاجة إلى إدارة دقيقة ومتوازنة لضمان استمراريتها.
ووفق تقرير نشره موقع “ذا هيل” الأمريكي، فإن كمين تدمر مثّل “تصحيحًا قاسيًا” للتقديرات التي افترضت أن مرحلة ما بعد الأسد أقل خطورة، مؤكداً أن التهديدات الأمنية، رغم تراجعها، لا تزال كامنة وقادرة على التفجر في لحظات حساسة. ولفت التقرير إلى أن الهجوم وقع أثناء لقاء مهم جمع قوات أمريكية بقيادات في قوات الأمن السورية، ما زاد من دلالاته السياسية والأمنية.
وسلّط التقرير الضوء على ثغرتين رئيسيتين كشف عنهما الهجوم. الأولى تتعلق بقدرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على البقاء والتكيّف، رغم خسارته “الخلافة” الإقليمية قبل سنوات وتراجع نشاطه العسكري. إذ بات التنظيم يعمل وفق نمط تمرد لامركزي، مستفيدًا من المساحات الصحراوية الواسعة ومناطق الفراغ الأمني في البادية السورية، ما يسمح له بتنفيذ هجمات محدودة لكنها ذات أثر رمزي وأمني كبير.
أما الثغرة الثانية، والأكثر خطورة، فتتمثل في هشاشة البنية الأمنية السورية التي أُعيد تشكيلها عقب التغيير السياسي. وبحسب التقرير، تشير معلومات أولية إلى أن منفذ الهجوم كان عنصرًا حديث الانضمام إلى الأجهزة الأمنية السورية، وقد ظهرت عليه ميول متطرفة قبل أيام من تنفيذ الكمين، ما يثير تساؤلات جدية حول آليات التدقيق والدمج داخل المؤسسات الأمنية في المرحلة الانتقالية.
وتواجه الحكومة السورية الانتقالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تحديًا معقدًا يتمثل في إعادة بناء جهاز أمني موحد ومهني، بعد عقود من الحرب الأهلية والتفكك. وتعتمد هذه العملية على دمج فصائل وقوى متباينة، من بينها مقاتلون سابقون في صفوف المعارضة، وهي عملية يرى مراقبون أنها، رغم ضرورتها، تبقى عرضة للاختراق، وقد تتحول في بعض الحالات إلى بوابة لتسلل عناصر متطرفة، بما يشبه “حصان طروادة” داخل الدولة الناشئة.
سياسيًا، وضع الهجوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام اختبار حساس. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تحولًا لافتًا في سياسة واشنطن تجاه دمشق، انتقلت فيه من القطيعة والعداء إلى تعاون حذر مع السلطات السورية الجديدة. كما مثّل انضمام سوريا رسميًا في نوفمبر الماضي إلى التحالف الدولي ضد “داعش”، عقب زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض، مكسبًا استراتيجيًا بالغ الحساسية. وكان الانتشار الأمريكي قرب تدمر جزءًا من هذا المسار التعاوني الجديد.
وتعهد ترامب برد “شديد الجدية” على الهجوم، في موقف يلبي مطالب داخلية بإظهار الحزم، لكنه يطرح في الوقت ذاته معضلة معقدة. فاستجابة عسكرية واسعة قد تقوّض شرعية الحكومة السورية الانتقالية، وتضعف قدرتها على تثبيت الأمن وبسط السيادة، بينما قد يُفسَّر أي رد محدود على أنه تساهل مع تهديد إرهابي مستمر.
وفي هذا السياق، رجّح تقرير “ذا هيل” أن يكون الخيار الدبلوماسي-الأمني المدروس أكثر فاعلية. فقد أدانت الحكومة السورية الجديدة الهجوم بسرعة، وأعلنت عن توقيف مشتبهين بانتمائهم لتنظيم “داعش” خلال حملة أمنية لاحقة في حمص، في خطوات عكست التزامًا بالشراكة مع واشنطن. ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى استثمار هذه اللحظة لتعميق التعاون، عبر تحقيقات مشتركة داخل المؤسسات الأمنية السورية، وتبادل استخباري منتظم، بهدف تفكيك شبكات التجنيد ومنع تكرار هجمات “الذئاب المنفردة” أو الهجمات من الداخل.
وبالتوازي، أعاد كمين تدمر فتح نقاش قديم-جديد في واشنطن حول جدوى الوجود العسكري الأمريكي طويل الأمد في سوريا. فانتشار نحو ألف جندي أمريكي، يتركز دورهم على مكافحة الإرهاب ودعم الحلفاء المحليين، يشكل بحد ذاته عامل جذب لهجمات من هذا النوع، ويطرح تساؤلات مؤلمة لدى الرأي العام الأمريكي، خاصة لعائلات الضحايا، حول كلفة استمرار هذا الانتشار.
وتبقى المعضلة واضحة: انسحاب سريع قد يخلق فراغًا أمنيًا يسمح لتنظيم “داعش” بإعادة تنظيم صفوفه، ما قد يفرض تدخلًا أمريكيًا لاحقًا أكثر كلفة، في حين أن البقاء العسكري الطويل يعرض القوات الأمريكية لمخاطر متكررة تقوض الدعم الشعبي للمهمة.
وخلص تقرير “ذا هيل” إلى أن الطريق إلى الأمام يتطلب مزيجًا دقيقًا من الحذر والحزم، بحيث يكون الرد الأمريكي موجّهًا بدقة إلى خلايا “داعش” المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ، دون المساس بجوهر الشراكة الأمنية مع دمشق. فالهدف الاستراتيجي، وفق التقرير، يجب أن يتمثل في تمكين الدولة السورية الجديدة من امتلاك أمنها وإدارته بنفسها، في مسار طويل النفس، يؤكد أن معركة مكافحة الإرهاب لم تنتهِ بعد، وأن التهدئة الهشّة في سوريا لا تزال بحاجة إلى إدارة دقيقة ومتوازنة لضمان استمراريتها.









