اكتشافات جديدة تثير الشكوك: هل أخفى شاكلتون حقيقة غرق سفينة "إندورانس"؟

  • منذ 4 ساعات
  • سي إن إن عربية
اكتشافات جديدة تثير الشكوك: هل أخفى شاكلتون حقيقة غرق سفينة "إندورانس"؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "لقد حُكم عليها بالفشل، فلا توجد سفين بُنيت بأيدٍ بشريةٍ ستتحمل هذا الضغطعندما كتب المستكشف القطبي، إرنست شاكلتون، هذه الجملة في دفتر يومياته في 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام 1915، كانت أحلامه بالوصول إلى القارة القطبية الجنوبية قد تحطمت بشكلٍ مأساوي، إلى جانب سفينته "​​إتش إم إس إندورانس" (HMS Endurance).

كانت السفينة عالقة في بحر "ويديل" منذ يناير/كانون الثاني آنذاك، وبحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول، مزّق الجليد دفّة السفينة، وأحدث ثقوبًا في جوانبها، إلى جانب تسبّبه بأضرار أخرى.

خلّفت الأحداث المروعة التي تلت ذلك، مع نجاح شاكلتون في قيادة مهمةٍ جريئةٍ بحثًا عن المساعدة بعد إجلاء الطاقم إلى كتلة جليدية وغرق السفينة المتضررة، ما قد يكون أكبر بصمة في تاريخ استكشاف القارة القطبية الجنوبية.

لكن تُعيد أبحاث جديدة كتابة ما هو معروف عن أصل المشكلة التي أدت إلى انهيار السفينة.

رأى شاكلتون أنّ غرق السفينة كان نتيجة تدمير دفّتها، وتقبّل المؤرخون هذا التفسير لأكثر من قرن.

لكن يُشير تحليل جديد إلى أن الضعف الهيكلي هو ما أدّى إلى غرق السفينة، وأنّ شاكلتون كان على علمٍ بعيوب سفينته، ​​بحسب ما ذكره الأستاذ بقسم الطاقة والهندسة الميكانيكية في جامعة "آلتو" بفنلندا، الدكتور جوكا توهكوري، الذي نشر النتائج الإثنين في مجلة "Polar Recordأفاد توهكوري، الباحث في مجال ميكانيكا الجليد، أنّ السفن الخشبية المُستخدمة في استكشاف القطب الشمالي، تُعزِّز هياكلها داخليًا عادة بعوارض دعم مائلة تعمل على تقوية جوانب السفينة ضد الضغط الجانبي الناجم عن قوة الجليد البحري.

بينما تمتعت سفينة "إندورانس" بهيكل خارجي متين مُقوّى لتحمل الاصطدامات، إلا أنّها افتقرت إلى عوارض داخلية مائلة كانت ستحميها من ضغط الجليد البحري.

وأكّد توهكوري لـCNN أنّها "لم تكن مُصممة لتحمل الضغطوأوضح الخبير أنّه حتى بعد غرق السفينة، وَصَفها شاكلتون وآخرون بكونها "أقوى سفينة خشبية في عصرهاومع ذلك، تشير مراسلات شاكلتون إلى أنّه كان على دراية تامة بالعيوب الهيكلية للسفينة، وكانت لديه شكوك بشأنها. ومع ذلك، لم يكن الأمر كافيًا لمنعه من شرائها.

السُّفن التي تُحتجز بين الكتل الجليدية وتُصبح غير قادرة على الحركة تكون تحت رحمة الجليد تمامًا.

بالنسبة للمستكشفين القطبيين في مطلع القرن العشرين، كان التعرّض للحصار بسبب الجليد خطرًا مُتوقعًا قد يستمر لأشهر متواصلة، ولم تكن النتيجة مؤكدة أبدًا، وفقًا لكبير أمناء المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك، الدكتور روس ماكفي.

شارك ماكفي، الذي لم يكن جزءًا من البحث الجديد، في خمس بعثات علمية إلى القارة القطبية الجنوبية، ونظّم معرضًا عن رحلة شاكلتون على متن سفينة "إندورانس" في المتحف.

إذا حالف الحظ طاقم السفينة المُحاصرة، فستتحرك الرياح أو التيارات في النهاية، وسيُرخي الجليد قبضته، وستنطلق السفينة.

لكن إذا لم يحالف الحظ الطاقم، فإن الجليد سيضغط على سفينتهم إلى أن تتحطم، كما قال ماكفي لـCNN.

كان توهكوري جزءًا من بعثة العام 2022، التي حدّدت موقع حطام "إندورانس". وفي ذلك الوقت، تفاجأ الخبير عندما عَلِم بعدم استخدام أحد الهندسة الإنشائية لتقييم سبب غرق السفينة.

اكتشف توهكوري من السجلات التاريخية أنّ "إندورانس" بُنيت لزيارة القطب الشمالي خلال فصل الصيف، وليس للإبحار عبر الجليد القارس في أنتاركتيكا.

كانت السفينة، التي سُميت في الأصل "بولاريس"، مخصَّصة للسياحة، وتحديدًا للمسافرين الأثرياء لصيد حيوانات الفظ والدببة القطبية.

لكن قرّر أصحابها بيعها قبل القيام بأي رحلة، ربما بسبب نقص التمويل أو بسبب التهديد الوشيك للحرب العالمية الأولى، كما كتب توهكوري في البحث الجديد.

وبالنسبة لشاكلتون، الذي كان على الأرجح متشوقًا للإبحار إلى القارة القطبية الجنوبية قبل اندلاع الحرب، كان شراء "بولاريس" فرصةً لا تُفوّت.

اشترى المستكشف السفينة في مطلع العام 1914، وأبحر جنوبًا بعد شهور عدة، في الأول من أغسطس/آب.

تشير مراسلات شاكلتون مع زملائه إلى إدراكه لأهمية العوارض المائلة في مقاومة ضغط الجليد، بما أنّه نَصَح المستكشف الألماني، فيلهلم فيلشنر، في العام 1911، بإضافة عوارض مائلة إلى سفينته "دويتشلاند"، وفقًا لما اكتشفه توهكوري.

من المرجّح أنّ ذلك ساعد "دويتشلاند" على البقاء سليمة بعدما حوصرت بالجليد في العام 1912.

ومن على متن "إندورانس"، راسل شاكلتون زوجته إميلي، معترفًا بأن السفينة "ليست بقوة" سفينته السابقة "نيمرود"، شارحًا: "سأستبدلها بنيمرود القديمة في أي وقتقال توهكوري إنّه من الصعب الجزم بأسباب تجاهل شاكلتون لشكوكه ومعرفته من أجل خوض هذه المخاطرة الجسيمة.

لكن في تلك الأيام، كانت المخاطرة جزءًا لا يتجزأ من الاستكشاف القطبي، فبين العامين 1818 و1909، تراوح معدل الوفيات في بعثات كهذه بين 6% و9%.

وعوض إتمام أول عبور بري للقارة القطبية الجنوبية، تَصدّر شاكلتون العناوين لنجاحه في إنقاذ جميع أفراد طاقمه، وهو إنجاز نال بفضله برقية تهنئة شخصية من ملك المملكة المتحدة، جورج الخامس.

ويُحتمل أن هذه القصة البطولية والنهاية الملهمة ساهمت في تقبّل تفسير شاكلتون لتدمير الدفّة كسببٍ رئيسي لغرق "إندورانس" من دون أي تساؤل، بحسب ما قاله توهكوري.

وأضاف: "حين يتحوّل شخص ما إلى أسطورة، تضيق نظرتنا. ويصبح من السهل حينها تقبّل الرواية كما هي".
إقرأ الخبر الكامل من المصدر