القصة بدأت في 21 أغسطس الماضي، حين عقدت شركة جهينة جمعيتها العامة غير العادية، بدعوة من مجلس إدارتها برئاسة صفوان ثابت، وأدرج المجلس على جدول الأعمال بندًا بتعديل المادة 22 من النظام الأساسي، بحيث يُضاف إليها شرط جديد يمنع ترشح أي شخص يمثل شركة تمارس نشاطًا مشابهًا أو منافسًا لأنشطة الشركة، أو يمتلك أسهمًا أو حصة في شركة منافسة.
معتز الخياط
وخلال الاجتماع، تقدمت شركة بلدنا القطرية باعتراض رسمي، معتبرة أن إدراج هذا البند يمثل مخالفة قانونية تمس حقوق المساهمين، وأوضح ممثلها أن التعديل المقترح يخالف نصوص القانونين 159 لسنة 1981 و95 لسنة 1992، فضلًا عن قواعد القيد بالبورصة المصرية، والتي تنص جميعها على حق المساهمين في التمثيل النسبي بمجلس الإدارة دون قيود أو استثناءات مسبقة.
وأشار ممثل "بلدنا" إلى أن مصطلحي "نشاط مشابه" و"نشاط منافس" الواردين في التعديل الجديد يحملان تفسيرات فضفاضة، تفتح الباب أمام التأويل والتقدير الذاتي، دون وجود تعريف قانوني محدد للمنافسة في ضوء سوق معين، كما يقر قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وأضاف أن التعديل يضع قيدًا تعسفيًا يحرم المساهمين من حقهم في الترشح، وهو ما يعد – بحسب قوله – "سابقة خطيرة في سوق المال المصري".
وفي المقابل، دافع المستشار القانوني لشركة جهينة، عن القرار، مؤكدًا أن الجمعية العمومية تملك حق حماية استثماراتها من أي خطر محتمل، وأن ما ورد في المادة المعدلة ليس استهدافًا لأي مساهم بعينه، بل إجراء وقائي لحماية مصالح الشركة، وأن القانون يمنح الجمعيات العمومية صلاحية وضع ضوابط وشروط لعضوية مجلس الإدارة، إذا رأت أن في ذلك حفاظًا على حقوق المساهمين.
لكن ممثل "بلدنا" رد بأن القانون المصري نظم بالفعل حالات تعارض المصالح بعد تولي العضو لمهامه، وليس قبله، من خلال إلزام العضو بالإفصاح عن أي نشاط منافس ومنح الجمعية العامة حق الترخيص أو الرفض، وفقًا للمادتين 97 و98 من قانون الشركات، وأضاف أن "جهينة" بذلك تخرق القاعدة القانونية المستقرة التي تمنع حرمان أي مساهم مسبقًا من حقه في الترشح.
ورغم الجدل القانوني الحاد، مضت الجمعية في التصويت على البند المثير للجدل، حيث وافق عليه 76.4% من الأسهم الحاضرة (نحو 495.7 مليون سهم) مقابل اعتراض23.6% (حوالي 153 مليون سهم)، لتقر الأغلبية تعديل المادة (22) رسميًا.
عقب ذلك، لجأت شركة بلدنا إلى الهيئة العامة للرقابة المالية بطلب رسمي لوقف تنفيذ القرار، استنادًا إلى المادة (10) من قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 والمادة (76 مكرر) من قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، وبعد دراسة الطلب والمستندات المقدمة من الطرفين، أصدرت الهيئة قرارًا حاسمًا قضت فيه بـقبول طلب شركة بلدنا شكلًا وموضوعًا ووقف تنفيذ قرار الجمعية العامة المتعلق بتعديل المادة (22).
وأكدت الهيئة العامة للرقابة المالية، في بيان رسمي، أن التعديل المقترح يؤدي إلى إقصاء فئة من المساهمين الرئيسيين من حقهم في الترشح لمجلس الإدارة، مما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المساهمين، ويمكن فئة واحدة من السيطرة على المجلس، بما يتعارض مع قواعد القيد والحوكمة في البورصة المصرية.
وأضافت الهيئة أن أحكام قانون الشركات نظمت حالات تعارض المصالح بعد تولي العضو منصبه، وليس قبل ذلك، وأن معايير النزاهة والشفافية تقتضي معالجة هذه الحالات بالإفصاح وعدم التصويت، لا بحرمان المساهمين مسبقًا من حقوقهم القانونية. كما أشارت إلى أن القانون أجاز عزل أي عضو يثبت عليه الإضرار بالشركة أو تسريب أسرارها، دون الحاجة لوضع قيود مسبقة تمنع الترشح من الأساس.
وختمت الهيئة بيانها بالتأكيد على حرصها على حماية حقوق المساهمين كافة، وضمان المساواة بينهم، وترسيخ قواعد الحوكمة الرشيدة، بما يحافظ على استقرار بيئة الاستثمار وثقة المستثمرين في سوق المال المصري.
وبهذا القرار، تكون شركة بلدنا القطرية قد كسبت جولة قانونية مهمة ضد صفوان ثابت في معركتهما المتصاعدة حول التمثيل في مجلس إدارة شركة جهينة، في وقت يترقب فيه السوق المحلي تداعيات الموقف على هيكل ملكية وإدارة الشركة التي تعد من أكبر الكيانات الغذائية المدرجة في البورصة المصرية.







