مودي يناور لحماية اقتصاد الهند من ضربة الرسوم الأميركية

مودي يناور لحماية اقتصاد الهند من ضربة الرسوم الأميركية
يرى خبراء أن مقترح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتخفيف الضرائب المفروضة على السلع الاستهلاكية اليومية قد يخفض الأسعار بمليارات الدولارات سنوياً ويعزز الطلب في اقتصاد مهدد برسوم جمركية أميركية خانقة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد هدد بمضاعفة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الهند من 25 إلى 50%، في خطوة لمعاقبة نيودلهي على شراء النفط من روسيا، مشيراً إلى أن تلك المشتريات تساعد موسكو على تمويل غزوها لأوكرانيا.

وألقى الإجراء المرتقب بظلاله على التوقعات بالنسبة لخامس أكبر اقتصاد في العالم، وسط تحذيرات المصدّرين الهنود من تراجع الطلبات وخسائر كبيرة في الوظائف، وفق وكالة "فرانس برس".

ووصفت نيودلهي الخطوة الأميركية بأنها "غير منصفة وغير مبررة ولا منطقية"، لكنها تسعى بالفعل لتقليص تداعياتها، إذ تعهّد مودي الأسبوع الماضي بـ"خفض عبء الضرائب عن المواطنين العاديين" في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى استقلال الهند.

ويقول خبراء اقتصاد إن مقترح مودي لخفض ضرائب السلع والخدمات سيؤدي إلى تراجع أسعار كل شيء، من السيارات الصغيرة وحتى المكيّفات الهوائية.

وتُفرض الضرائب حالياً وفق نظام معقد من أربع فئات، تتراوح معدلاتها بين 5% و28%. وبحسب التعديلات التي طرحها مودي، ستندرج معظم المنتجات ضمن فئتين فقط، بحيث تُفرض ضريبة بنسبة 5% أو 18% لا أكثر.

ووصف مودي التغيير بأنه "هدية بمناسبة ديوالي"، في إشارة إلى مهرجان الأضواء الهندوسي الذي يشهد إنفاقاً واسعاً على الذهب والملابس والأجهزة الكهربائية."توفير"

وسيُحدد تأثير رسوم ترامب الجمركية على الهنود العاديين بمدى التقدم نحو التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك بقدرة نيودلهي على إيجاد مصادر بديلة للنفط قبل انتهاء مهلة ترامب في 27 آب/أغسطس.

لكن خبراء يرون أن إصلاح مودي الضريبي قد يساهم في تحفيز الطلب عبر خفض الضرائب بما يتراوح بين 13 و17 مليار دولار. واعتبر محللو "خدمات إماكي المالية العالمية" السياسة بأنها "إصلاح مرحّب به لتعزيز الاستهلاك المحلي".

وقدّروا أن الجزء الأكبر من السلع الخاضعة حالياً لضريبة 28% سينتقل إلى فئة 18%، فيما ستُدرج تقريباً كل السلع الخاضعة لضريبة 12% ضمن فئة 5%.

وذكر محللون في شركة "موتيلال أوسوال" للخدمات المالية أن هذه التغييرات ستصب في مصلحة مجموعة واسعة من القطاعات، وتتيح للعائلات "توفير الكثير" من المال.

ويبقى مصير المقترح في يد "مجلس الضرائب على السلع والخدمات" (GST Council) الذي يضم ممثلين عن حكومات الولايات، حيث كان التوصل إلى توافق بين أعضائه صعباً في الماضي.

وفي حال إقراره، قد يشكل الخفض الضريبي عبئاً على الخزينة العامة، لكن الخبراء يشيرون إلى أنه سيساعد في مواجهة مخاطر الرسوم الجمركية وتحسين صورة مودي لدى الطبقة الوسطى.

ويأتي المقترح قبيل انتخابات مرتقبة في وقت لاحق من هذا العام في ولاية بيهار الكبيرة ذات الأغلبية الهندوسية والتي تضم 130 مليون نسمة، ما يمنحها أهمية سياسية بالغة لمودي.

وقال خبير الاقتصاد في جامعة "أو. بي. جيندال العالمية" ديبانشو موهان، لوكالة فرانس برس إن "السردية الاقتصادية السائدة حالياً هي تلك المتعلقة برسوم ترامب الجمركية البالغة 50% والانتكاسات التي تشهدها العلاقات الأميركية-الهندية".

وأضاف أن "تعديل الضرائب على السلع والخدمات يمثل رداً قوياً من مودي في هذا السياق. فقد توجه إلى الطبقة الوسطى قائلاً: نحاول ضمان امتلاككم ما يكفي". لكنه أقر في الوقت نفسه بأن الخطوة تعكس "إقراراً رسمياً بأن الاقتصاد الهندي لم يكن ملائماً للطبقة ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط منذ فترة".محادثات تجارية مع واشنطن

ورغم دعوات خبراء الاقتصاد إلى إصلاح نظام الضرائب منذ سنوات، جاء إعلان مودي المفاجئ في وقت تشهد فيه العلاقات الأميركية-الهندية تدهوراً إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.

وتشير تقديرات اقتصاديين إلى أنه في حال فشل البلدين في التوصل إلى اتفاق تجاري، فقد تؤدي رسوم ترامب الجمركية إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند إلى أقل من 6% خلال العام المالي الحالي، مقارنة بتوقعات المصرف المركزي البالغة 6.5%.

ومن المتوقع أن يتضح موقف نيودلهي من واردات النفط الروسية بحلول أواخر أيلول/سبتمبر، إذ تم التعاقد على معظم شحنات آب/أغسطس قبل تهديدات ترامب، وفق شركة الاستخبارات التجارية "كبلر".

وقال المحلل لدى "كبلر" سوميت ريتوليا، إن شركات التكرير الهندية تبدي "اهتماماً متزايداً" بالنفط الأميركي وخام غرب إفريقيا وأميركا اللاتينية، لكنه اعتبر ذلك مؤشراً على "مرونة أكبر، لا على تحول متعمد".

وأضاف: "إلى أن يحدث تحول واضح في السياسة أو تغيير مستدام في معطيات التجارة، ستبقى التدفقات الروسية جزءاً أساسياً من سلة الخام الهندية".

ومع اقتراب موعد زيادة الرسوم الجمركية، يبقى وضع المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والهند ضبابياً. وتؤكد نيودلهي التزامها بالتوصل إلى اتفاق، غير أن تقارير إعلامية هندية ذكرت أن المفاوضين الأميركيين أرجأوا زيارة كانت مقررة أواخر آب/أغسطس إلى العاصمة الهندية.
إقرأ الخبر الكامل من المصدر