بأقل من ثانية.. رصد أقوى انفجار راديوي سريع يعادل طاقة الشمس المتنجة بـ4 أيام

  • منذ 6 ساعات
  • سي إن إن عربية
بأقل من ثانية.. رصد أقوى انفجار راديوي سريع يعادل طاقة الشمس المتنجة بـ4 أيام
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رصد علماء الفلك ألمع انفجار راديوي سريع حتى الآن، صدر من مجرة قريبة. ويُعتقد أنّ مراقبة هذا الحدث، الذي تمثّل بومضة قوية من موجات الراديو لم تستغرق سوى جزء من الألف من الثانية، قد تسهم في الكشف عن أحد أكثر الظواهر الكونية غموضًا.

تُعرف هذه الظواهر باسم "الانفجارات الراديوية السريعة" (FRBs)، وقد اكتُشفت لأول مرة في عام 2007، لكن مصادرها الدقيقة لا تزال مجهولة. منذ ذلك الحين، يعمل علماء الفلك على تتبّع أصول هذه الانفجارات على أمل فك لغز السبب الكامن وراء إطلاقها وإرسالها عبر الكون.

رصد انفجار FRB 20250316A، الذي أُطلق عليه اسم "RBFLOAT" اختصارًا لعبارة "ألمع ومضة راديوية على الإطلاق"، بتاريخ 16 مارس/ آذار.

تم تتبع الإشارة إلى المجرة NGC 4141 التي تبعد حوالي 130 مليون سنة ضوئية عن الأرض. ونُشرت تفاصيل هذا الاكتشاف، الذي تم باستخدام تجربة رسم خرائط كثافة الهيدروجين الكندي (CHIME) المختصة برصد الانفجارات الراديوية السريعة، بالإضافة إلى شبكة التلسكوبات الجديدة المصغّرة التابعة لها والمعروفة باسم "Outriggers"، في مجلة The Astrophysical Journal Letters، الخميس.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، أماندا كوك، زميلة ما بعد الدكتوراه بمعهد تروتييه للفضاء وقسم الفيزياء في جامعة ماكغيل: "بفضل تلسكوبات Outriggers التابعة لـCHIME، أصبح بإمكاننا أخيرًا التقاط هذه الإشارات الكونية العابرة لحظة حدوثها، ليس فقط تحديد مواقعها ضمن مجرات محددة، بل أيضًا ضمن بيئات نجمية دقيقة داخل تلك المجراتبعد اكتشاف الانفجار، استخدم العلماء تلسكوب جيمس ويب الفضائي لتكبير المشهد وتحديد موقع نشأته بدقة. وقد عزّزت هذه الملاحظات نظرية رائدة تُشير إلى أنّ النجوم النيوترونية المغناطيسية المعروفة باسم "المغناطارات"، وهي بقايا شديدة المغنطة لنجوم ميتة، قد تكون مصدرًا لهذه الانفجارات الراديوية السريعة. ونُشرت دراسة إضافية حول ملاحظات تلسكوب ويب في ذات اليوم بـThe Astrophysical Journal Letters.

وقال بيتر بلانشارد، المؤلف الرئيسي لدراسة ويب وزميل الأبحاث في مرصد كلية هارفارد ضمن مركز الفيزياء الفلكية | هارفارد وسميثسونيان: "كانت هذه فرصة فريدة لاستخدام العين تحت الحمراء القوية لتلسكوب JWST لأول مرة وتوجيهها نحو موقع انفجار راديوي سريع، وقد حصلنا على نتيجة مثيرة، حيث رصدنا مصدرًا خافتًا للضوء تحت الأحمر قريب جدًا من موقع حدوث الانفجار الراديوي. قد يكون هذا أول جسم يتم ربطه بانفجار راديوي سريع تم رصده في مجرة أخرىالرؤى الجديدة التي وفّرتها الدراستان قد تساعد العلماء أيضًا على حلّ لغز آخر مرتبط بالانفجارات الراديوية السريعة، وما إذا كانت هذه الانفجارات تتبع نمطًا متكررًا يشبه "نبضات قلب كونية"، أم أنها تنقسم إلى "أنواع" مختلفة، يطلق بعضها إشارة قوية مفاجئة ثم يصمت بشكل نهائي.

لقد مكّن تلسكوب CHIME الراديوي، القريب من مدينة بينتيكتون بكولومبيا البريطانية، داخل مرصد دومينيون لعلم الفلك الراديوي، علماء الفلك على مدار السنوات السبع الماضية من رصد آلاف الانفجارات الراديوية السريعة لدى وصولها إلى الأرض بعد رحلة طويلة عبر الكون.

في وقت سابق من هذا العام، اكتملت أعمال تجهيز شبكة التلسكوبات المصغّرة المعروفة باسم Outriggers، في مواقع متفرقة بكولومبيا البريطانية، وفرجينيا الغربية، وكاليفورنيا، بهدف تتبّع مواقع الانفجارات الراديوية بدقة أكبر.

علّقت وين-فاي فونغ، المشاركة في دراسة CHIME وأستاذة الفيزياء وعلم الفلك بكلية واينبرغ في جامعة نورث وسترن، على أنّ تلسكوبات Outriggers تجمع بين دقة التحديد ومجال الرؤية الواسع.

وأضافت فونغ أنّ علماء الفلك حصلوا على فرصة لاختبار القدرات "التي تغيّر قواعد اللعبة" لشبكة Outriggers في شهر مارس/ آذار، بعد فترة وجيزة من بدء تشغيلها.

أطلق الانفجار الراديوي RBFLOAT طاقة تعادل ما تُنتجه الشمس خلال أربعة أيام كاملة، وذلك في أقل من ثانية واحدة.

مكّنت تلسكوبات Outrigger الفريق من تحديد موقع الانفجار الراديوي السريع بدقة غير مسبوقة، في منطقة لا تتجاوز 45 سنة ضوئية عرضًا، أي أصغر من حجم عنقود نجمي. ووصفت أماندا كوك، المؤلفة الرئيسية للدراسة، دقة هذا التحديد بقولها: "إنها كأنك ترى عملة معدنية من فئة ربع دولار من مسافة 100 كيلومتركشفت الملاحظات اللاحقة، باستخدام تلسكوب MMT الذي يبلغ قطره 6.5 أمتار في ولاية أريزونا، وجهاز Cosmic Web Imager في تلسكوب Keck II بهاواي، أنّ الانفجار RBFLOAT جاء من أحد الأذرع الحلزونية لمجرة، وهي مناطق غالبًا ما تكون غنية بتشكّلات نجمية. لكن اللافت أن مصدر الانفجار لم يكن داخل منطقة نشطة لتكوّن النجوم، بل على مقربة منها فقط.

تشير بعض الانفجارات الراديوية السريعة السابقة إلى أنها صدرت من "مغناطارات"، وهي نجوم نيوترونية دوّارة شديدة المغنطة تطلق موجات راديوية، وهي بقايا نواتية فائقة الكثافة ناتجة عن انفجار نجوم ضخمة، لطالما افترض العلماء أنها قد تكون المصدر الرئيسي لهذه الانفجارات الغامضة.

تتكوَّن المغناطارات عادة عند انهيار نجم عملاق ما يولّد جسيمًا صغيرًا كثيفًا ذات مجال مغناطيسي هائل. وغالبًا ما تتواجد المغناطارات حديثة التكوين في مناطق نشطة بتكوُّن النجوم، حيث تولد النجوم الفتية وتزدهر.

استخدم فريق بلانشارد تلسكوب جيمس ويب للبحث عن إشارات في ضوء الأشعة تحت الحمراء قد تكون نشأت من ذات الموقع الكوني لانفجار RBFLOAT.

وكشفت بيانات ويب عن جسم يُدعى NIR-1، قد يكون إما نجمًا ضخمًا أو عملاقًا أحمر، أي شبيهًا بالشمس في مراحل نهايته، وقد أصبح أكثر سطوعًا بشكل ملحوظ.

رغم أن أياً من هذين النوعين لا يُعتبر سببًا مباشرًا محتملاً لانفجار راديوي سريع، إلا أنّ بلانشارد أوضح أنه من الممكن أن يكون هناك نجم نيوتروني غير مرئي مرافق للجسم الأكبر، يقوم بسحب المادة منه، وقد يكون ذلك كافيًا لإطلاق موجة راديوية.

كما أشار إلى احتمال آخر مفاده أن يكون الضوء تحت الأحمر الذي رصده ويب مجرد انعكاس لانفجار أو توهّج نتج عن ذات الجسم الذي أطلق الانفجار الراديوي، مثل مغناطار.

وخلص بلانشارد إلى أنه "سواء أكان لهذا النجم علاقة حقيقية بالانفجار أم لا، فقد تعلمنا الكثير عن أصل الانفجار. وإن لم يكن نظام النجوم المزدوجة هو الجواب، فإن نتائجنا تشير إلى أن مغناطارًا معزولًا قد يكون هو مصدر FRBتقول وين-فاي فونغ إن دراسة البيئة المحيطة بالانفجارات الراديوية المتكررة وغير المتكررة قد تساعد العلماء على فهم ما إذا كانت الظروف المحلية تساهم في تكرار هذه الإشارات أم لا.

رغم أن العديد من الانفجارات الراديوية السريعة المعروفة تُظهر نبضات متكررة على مدار شهور عدة، فإن RBFLOAT لم يُطلق أي إشارات إضافية خلال مئات الساعات التي أعقبت رصده الأولي، ما يفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات حول طبيعته وما إذا كان حدثًا فريدًا أو جزءًا من نمط مخفي.

قال سونيل سيمها، أحد المشاركين في دراسة CHIME وزميل ما بعد الدكتوراه بمركز نورثويسترن للاستكشافات متعددة التخصصات في علم الفلك، وقسم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة شيكاغو، إن انفجار RBFLOAT هو أول انفجار راديوي سريع غير متكرّر يتمّ تحديد موقعه بدقة عالية بهذا المستوى.

وأضافت وين-فاي فونغ: "نظرًا لأن هذا الانفجار يمثل أول FRB غير متكرر يتم رسم خريطة بيئته المحلية بشكل كامل، يبقى أن نرى ما إذا كانت حالات أخرى ستتبع ذات النهج، أم أن هذا الانفجار كان حالة شاذة وفريدةقدمّت نتائج الدراستين رؤى مهمة حول سؤال ما إذا كانت جميع الانفجارات الراديوية السريعة في النهاية تتكرر، بحسب ليام كونور، أستاذ مساعد في علم الفلك بجامعة هارفارد، الذي درس الظاهرة سابقًا، لكنه لم يشارك في أي من الدراستين.

وقال: "قبل اكتشاف FRB 20250316A، كان تلسكوب CHIME يراقب المصدر يوميًا من دون علمنا بذلك لمدة سبع سنوات، لأن CHIME يراقب السماء الشمالية كاملة مرة واحدة يوميًا. لكن لم يُرصد أي انفجار، حتى اندلع فجأة أحد ألمع الانفجارات على الإطلاق. إذا كانت كل الانفجارات الراديوية السريعة تتكرر، فهذا يعني أن بعضها متقطع للغاية وغير متوقع".
إقرأ الخبر الكامل من المصدر