في ذكرى نيازي مصطفى.. نهاية صادمة ولغز حائر لمقتل أشهر مخرجي السينما المصرية

وحدها مفارقات القدر يمكن أن تصنع في حياة ورحيل أحد أشهر مخرجي السينما المصرية «شريط سينمائي مثير» يختتم قصته ويضع النهاية لها بطريقة صادمة لايتوقعها أحد، فالمخرج نيازي مصطفى الذي يعد واحدا من أشهر صناع أفلام المعارك والأكشن، وصاحب الـ 121 فيلما، جاءت وفاته خلال جريمة قتل داخل منزله وتحديدا في 20 أكتوبر 1986 أشبه بلغز كبير لم يحل حتى الآن!

وفي ذكرى ميلاد شيخ المخرجين نيازي مصطفى التي تحل في 19أكتوبر 2025 نستعرض أبرز محطات ومشواره ولغز قتله الغامض، إذ قيدت قضيته «ضد مجهول»، وفقا لما نشرته الصحف وقتها، بعدما عثر عليه عليه مقتولا داخل غرفة نومه، في شقته بالطابق الثالث بالعمارة، رقم ١، بشارع قرة بن شريك، مكبل اليدين من الخلف بحرفية، وتم قطع شريان يده بشفرة حادة، وقام قاتله بتكميم فمه بقطعة قماش لمنعه من الكلام أو الاستغاثة.

«سلامة في خير» لـ نجيب الريحاني أول أفلام نيازي مصطفى

مشهد من «سلامة في خير» - صورة أرشيفية

درس نيازي مصطفى، السينما في ألمانيا ثم عاد إلى مصر، وعمل مركّب أفلام في استوديو مصر، ثم عمل مساعد مخرج مع الفنان يوسف وهبي، وفي عام 1937، تولى إخراج أول أفلامه «سلامة في خير».

وقال عنه الريحاني في مذكراته: صدمت هذا الفتي بتصريح غير مستحب، لأنني لدغت من مخرجين قبله، ولكن بمرور الوقت عرفت قيمة نيازي، فاعترفت بخطئي في تقديره، فهو كفء مخلص لفنه، وكانت اجتماعات متعددة متتالية بيني وبين بديع خيري ونيازي، عالجنا فيها وضع السيناريو لفيلم «سلامة في خير» وربط موضوعه وحوادثه.

كان فيلم «سلامة في خير» الذي أنتج وعرض عام 1937 أول فيلم تمثيلي طويل من إخراج نيازي مصطفي، وأول فيلم سينمائي يقبل عليه الجمهور من تمثيل نجيب الريحاني، وأول كوميديا سينمائية مصرية ناجحة من الناحية الفنية في الوقت نفسه.

نيازي مصطفى، المخرج الراحل.
- صورة أرشيفية

وتولى المخرج نيازي مصطفى إلى جانب الإخراج كتابة السيناريوهات، وصنع المؤثرات البصرية في أفلام شهيرة ومهمة، ومنها «رصيف نمرة 5، أبوحديد، سر طاقية الإخفاء، عنتر بن شداد، لعبة الحب والجواز».

كما مارس الإخراج في أفلام عربية وأجنبية، وقدم في السينما العراقية، فيلم «ابن المشرق» سنة 1949، وأخرج أول فيلم طويل سعودي «موعد مع المجهول» عام 1980، والفيلم التركي «شيطان البوسفور» وشارك في إخراج الفيلم الإيطالي «كيف سرقنا القنبلة الذرية».

وقدم نيازي مصطفى، خمسة أفلام لبنانية من إخراجه، وهي: (البدوية العاشقة، بنت عنتر، سارق الملايين، النصابين الثلاثة، عنتر يغزو الصحراء)؛ حيث وصل رصيد أعماله الفنية إلى 121 فيلما، وكان آخرها القرداتي عام 1987، بطولة فاروق الفيشاوي وسمية الألفي.

المخرج السينمائى نيازى مصطفى - صورة أرشيفية

تفاصيل جريمة قتل نيازي مصطفى

حسب ما نشر في الصحف وقتها وما جاء في كتاب «لا شىء هنا» للكاتب خيري حسن، تواجد نيازي مصطفى في منزله قبل الثامنة مساءً وكعادة خادمه يغادر في هذا التوقيت ويعود إليه صباحًا، ويكون الخروج والدخول من باب المطبخ.

وفي اليوم التالي عندما عاد الخادم إلى منزل شيخ المخرجين، لم يستطع الدخول كالعادة من باب المطبخ الذي كان مغلقًا، واضطر أن يذهب للباب الرئيسي وعندما قرع الباب لم يستجب له المخرج الذي كان قد تجاوز وقتها الـ75 من عمره، واضطر لزيادة حدة الضرب على الباب، الأمر الذي جعل سيدة تسكن في العقار للخروج من باب شقتها.

المخرج السينمائى نيازى مصطفى - صورة أرشيفية

وأخبر الخادم السيدة أن سيده لا يرد عليه، لتخبره على الفور أنها مساء الليلة الماضية سمعت أصواتا مزعجة قادمة من هذه الشقة استمر لعدة دقائق وانتهى الأمر بعد ذلك.

ليكسر الخادم الباب ويدخل إلى الشقة ويدخل لغرفة النوم ويجد أمامه المخرج نيازي مصطفى جثة هامدة، حسب ما جاء في تحقيقات النيابة والتي نشرتها الصحافة وقتها.ومع وصول رجال الشرطة إلى مسرح الجريمة الذي كان يكتظ بالجيران وسكان المنطقة، ونقل الجثة من الأرض إلى السرير، الأمر الذي تسبب في كارثة كبيرة عند رفع البصمات مع كثرة الأعداد التي تواجدت في المكان بعد الحادث.

وجد رجال الأمن محتويات الشقة مبعثرة تمامًا كأن القاتل كان يبحث عن شيئًا بعينه، وكان شيخ المخرجين الذي كان يعيش وحيدًا، مقيد اليدين والرقبة والفم من خلال ملاءة سرير ورابطة عنق وفوطة، ومع المعاينة وجد أن مداخل ومخارج الأبواب كلها سليمة.

نيازي مصطفى - صورة أرشيفية

ولم يكن هناك أي عنوة أو عائق لفتحها، مع وجود منضدة بجوار الفراش عليها مبلغ مالي وساعة يد ومحفظة كبيرة وأخرى صغيرة فارغتين بلا محتويات.

واستمعت النيابة لأقوال عدد من الشهود والأصدقاء وسكان العقار وأبطال فيلم «القرداتي»، والذين أشاروا في التحقيقات إلى أنه في اليوم الذي وقع به الحادث غادر المخرج التصوير قبل الساعة السادسة مساء وهذه آخر مرة بالنسبة لهم حتى سمعوا بوفاته بهذه الطريقة في اليوم التالي.

تقييد جريمة قتل نيازي مصطفى «ضد مجهول»

بعد عدة شهور وبالتحديد في يناير عام 1987 أغلقت القضية وقيدت ضد مجهول، وظلت أسباب وفاة المخرج نيازي مصطفى من أكثر الجرائم غموضًا حتى الآن!