«الإسعاف البحري» خدمة غائبة ومطلب عاجل لإنقاذ أرواح رحلات الغوص في البحر الأحمر

 «الإسعاف البحري» خدمة غائبة ومطلب عاجل لإنقاذ أرواح رحلات الغوص في البحر الأحمر
رغم التطور الكبير في النشاط السياحي البحري بمحافظة البحر الأحمر علي امتداد 1080 كيلو متر وتزايد رحلات الغوص والأنشطة المائية على مدار العام، إلا أن غياب منظومة متكاملة لخدمة «الإسعاف البحري» لا يزال يمثل ثغرة خطيرة تهدد سلامة السائحين والعاملين في البحر، وتثير قلق العاملين بالأنشطة البحرية الذين يطالبون منذ سنوات بسرعة تنفيذ هذا المشروع الحيوي، مؤكدين أنه لم يعد رفاهية بل ضرورة لإنقاذ الأرواح في لحظات الخطر.

ففي الوقت الذي تتحرك فيه عشرات اللنشات السياحية يوميًا من مراسي الغردقة وسفاجا ومرسى علم والجزر القريبة، لا توجد حتى الآن وحدة إسعاف بحرية مجهزة قادرة على التدخل الفوري عند وقوع الحوادث أو حالات الغرق أو الإصابات الناتجة عن الارتطام بالشعاب المرجانية. وتعتمد أغلب القوارب في حال الطوارئ على العودة إلى الميناء الرئيسي أو طلب المساعدة من لنش قريب، وهي عملية تستغرق وقتًا ثمينًا قد يحدد مصير المصاب بين الحياة والموت.

عدد قادة اللنشات والعاملون بمراكز الغوص اكدوا للمصري اليوم أن تكرار الحوادث البسيطة التي يمكن تداركها بالإسعاف الفوري أصبح أمرًا مقلقًا، و أن بعض الحالات الخطيرة فقدت حياتها قبل الوصول إلى أقرب نقطة طبية بسبب غياب وسيلة إسعاف بحرية مجهزة. وفي محافظة البحر الأحمر، حيث تتقاطع مغامرات الغوص مع رحلات البحر المفتوح، يبرز «الإسعاف البحري » كأحد أكثر المكونات أهمية في منظومة الأمان السياحي والبحري، فهو الحارس غير المرئي الذي يقف بين الحياة والموت في لحظات خاطفة قد تبدأ بغطسة خاطئة أو عطل ميكانيكي أو موجة عاتية تقلب الموازين في عرض البحر. ومع ازدهار النشاط السياحي وعودة الرحلات البحرية بقوة مع الموسم الشتوي، تتعالى المطالب بسرعة ادخال هذه المنظومة لتكون قادرة على الاستجابة الفورية لأي طارئ.

قال أحمد خميس أحد الغطاسين المحترفين علي احد لنشات رحلات سفاري الغوص إن الحوادث لا تحدث كثيرًا، لكنها عندما تقع تكون ثوانيها حرجة، لا يمكن انتظار العودة من منطقة بعيدة في عرض البحر” والمطالب تتركز في سرعة تنفيذ إنشاء منظومة إسعاف بحري كاملة ترتكز على عدد من النقاط الثابتة في المراسي والموانئ الرئيسية مثل الغردقة وسفاجا ومرسى علم، مزودة بقوارب إسعاف سريعة مجهزة بالأجهزة الطبية اللازمة، ومسعفين مدربين على التعامل مع الحالات البحرية، إلى جانب إنشاء وحدات طوارئ متنقلة بالقرب من مناطق الغوص الأكثر نشاطًا مثل أبو رمادة، شعاب السقالة، مرسى مبارك، ووادي الجمال. كما طالبوا بتزويد جميع اللنشات السياحية بأجهزة اتصال لاسلكي مباشر مع غرفة عمليات الإسعاف البحري لضمان سرعة الاستجابة، وإلزام كل مركب بحقيبة إسعافات أولية كاملة.

وأضاف أشرف صالح، أحد أصحاب مراكز الغوص بالغردقة أن غياب الإسعاف البحري نقطة ضعف خطيرة في منظومة السياحة البحرية بالبحر الأحمر، مؤكدًا أن السائح الأجنبي، خصوصًا من الألمان والروس والتشيك، يسأل دائمًا عن خطة الطوارئ قبل الصعود إلى اللنش، مضيفًا “الرد الصادق الآن أننا نعتمد على العودة إلى الميناء، وهو أمر لا يليق بمدينة بحجم الغردقة ولا بسياحة عالمية مثل البحر الأحمر” واضاف صالح أن الإسعاف البحري ليس فقط مشروعًا لإنقاذ الأرواح، بل عنصر أمان استراتيجي يعزز الثقة في المقصد السياحي المصري، ويمنح البحر الأحمر ميزة تنافسية في سوق السياحة العالمية. فوجود منظومة طوارئ بحرية جاهزة وسريعة سيعني انخفاضًا كبيرًا في معدلات الخطر، واستجابة أسرع للحوادث، وطمأنينة أكبر للسائحين والعاملين في الأنشطة البحرية.

واكد بشار ابو طالب الخبير السياحي انه مع انطلاق الموسم السياحي الشتوي وارتفاع أعداد الرحلات البحرية والغوص اليومية في البحر الأحمر، يجدد العاملون في المجال السياحي والبيئي مطالبهم بسرعة تنفيذ مشروع الإسعاف البحري ليغطي كامل سواحل المحافظة، قبل أن تقع كارثة جديدة بسبب التأخير. فغياب هذه الخدمة حتى الآن يترك فراغًا خطيرًا في منظومة الأمان السياحي، ويجعل كل رحلة بحرية مغامرة غير مضمونة العواقب وان الوقت يمضي، والحوادث لا تنتظر، والسياحة في البحر الأحمر تستحق أن تمتلك منظومة إسعاف بحرية حديثة تليق بمكانتها العالمية، وتحمي أرواح من يبحرون فيها طلبًا للجمال والمتعة، لا للمجازفة بالحياة

وأشار إلى ان منظومة الإسعاف البحري مطلوب ان تغطي مناطق الغردقة وسفاجا ومرسى علم، عبر عدد من الوحدات السريعة المرتبطة بغرف العمليات في المدن الساحلية وفرق مدربة من المسعفين والبحارة المتخصصين على التدخل في حالات الغرق، الاختناق أثناء الغوص، أو الحوادث الناتجة عن ارتطام وشحوط القوارب واللنشات بالشعاب المرجانية.وطالب بوجود وحدات طوارئ دائمة في نقاط الغوص الشهيرة، وبخطة شاملة لتوزيع الإسعاف البحري على طول الساحل بما يضمن تغطية جميع المناطق في زمن استجابة لا يتجاوز عشر دقائق. وأشار إلى أن بعض المراسي الصغيرة التي تنطلق منها الرحلات اليومية، خاصة جنوب سفاجا ومرسى علم، تفتقر إلى نقاط إسعاف قريبة أو حتى وسيلة اتصال مباشر مع غرف الطوارئ.

واكد عدد من خبراء البيئة والسياحة أن الإسعاف البحري ليس مجرد خدمة إنقاذ، بل هو جزء من منظومة الأمن السياحي التي تطمئن السائح وتدعم سمعة المقصد المصري عالميًا، خصوصًا في ظل المنافسة الإقليمية مع وجهات الغوص الأخرى وهو ما يجعل تطوير المنظومة ضرورة عاجلة وليست ترفًا إداريًا وان المطالب التي يتفق عليها الجميع تتركز في ثلاث نقاط رئيسية أولها نطاق التغطية لتشمل جميع مواقع الغوص والجزر السياحية من خلال وحدات بحرية سريعة وثابتة. ثانيها تزويد اللنشات السياحية بأجهزة إنذار واتصال مباشر مع غرفة عمليات الإسعاف البحري بدلًا من الاعتماد على الهواتف. وثالثها تدريب العاملين في الأنشطة البحرية على الإسعافات الأولية ليكونوا خط الاستجابة الأول حتى وصول فرق الإنقاذ و ضرورة إدخال منظومة الإسعاف البحري ضمن برامج التقييم السياحي للفنادق ومراكز الغوص، بحيث تكون جاهزية الإسعاف معيارًا معتمدًا يمنح المدينة ميزة تنافسية إضافية. وأكدوا أن هذه الخطوة ستعزز ثقة السائح وتضمن استمرار نمو السياحة البحرية في البحر الأحمر بأمان واستدامة.
إقرأ الخبر الكامل من المصدر